كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم ، أمرهم من الأعمال بما يطيقون ،
قالوا : إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله ، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ،
فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه ، ثم يقول : إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 20
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
مهما بلغت مرتبة العبد ودرجته ومكانته عند الله عز وجل فإنه لا يترك العمل أو يقصر فيه أو يهمله، بل هذا يستوجب منه العكس، وهو الإستزادة في العمل والمداومة عليه شكرا للخالق على نعمته وفضله، فقد رُويَ عن عائشة رضي الله عنها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ (أَفَلا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا)(4)، وعن المُغيرة بن شعبة قال: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ (أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا)(5)؛ فرفع الدرجات لا يُوجب التقصير. وكان صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بما يطيقونه ويسهل عليهم ليداموا عليه، ولا يُصابوا بالفتور والملل فينقطعوا(6).
واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته واجبة، قال الله تعالى }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ{(7)، وقال تعالى }وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{(8)، والرسول صلى الله عليه وسلم أعلم بشرع الله وحكمته وما يجتنب وهو أتقى لله، فلا بد من الإقتداء به صلى الله عليه وسلم واتباعه(9)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرٍ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ نَاسٌ مِنْ النَّاسِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ (مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً)(10)، قال النووي رحمه الله(11): (وإنما يكون القرب إليه سبحانه وتعالى, وَالخشية له على حسب ما أمر , لا بمخيلات النفوس، وتكلف أعمال لم يأمر بها).
__________________________
(4) صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، حديث "أفلا أحب أن أكون..".
(5) صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، حديث "أفلا أكون عبدا شكورا".
(6) انظر: فتح الباري، كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "انا اعلمكم.."، حديث " إن أتقاكم ...".
(7) سورة الأنفال: الآية 20.
(8) سورة الحشر: الآية 7.
(9) انظـر: المنتقى شرح موطأ مالك، كتاب الصيام، باب ما جاء في صيام الذي يصبح جنبا في رمضان، حديث "وأنا أصبح جنبا..".
(10) صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله تعالى، حديث "ما بال أقوام يرغبون..".
(11) صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الفضائل، باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله تعالى، حديث "ما بال أقوام يرغبون..".
دروس أخرى مستفادة من الحديث:
1_ أن الأَعمال الصالحَة ترقي صاحبها إلى المَراتب السنية من رفع الدرجات ومحْو الخَطيئات; لأَنه صلى اللَّه عليه وسلم لمْ ينكر عليهم استدلالهم ولا تعليلهم من هذه الجِهة, بل من الجِهة الأُخرى.
2_ أن العبد إذا بلغ الغاية في العبادة وثمَراتها كان ذلك أدعى له إلى المُواظبة عليها, استبقاء للنعمة , واستزادة لهَا بِالشكر عليها.
3_ الوقوف عند ما حد الشارع من عزيمة ورخصة، واعتقاد أن الأَخذ بالأَرفق المُوافق للشرع أولى من الأَشق المُخالف له، وأن الأَولى في العبادة القصد والمُلازمة، لا المُبالغة المُفضية إلى الترك.
4_ التنبيه على شدة رغبة الصحابة في العبادة وطلبهم الازدياد من الخَير.
5_ مشروعية الغضب عند مخَالفة الأَمر الشرعي، والإِنكار على الحَاذق المُتأهل لفهم المعنى إذا قصر في الفهم , تحْريضا له على التيقظ.
6_ جواز تَحدث المَرء بمَا فيه من فضل بحَسب الحَاجة لذلك عند الأَمن من المُباهاة والتعاظم.
7_ بيان أن لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم رتبة الكمال الإِنسانيّ لأَنه منحصر في الحِكمتينِ العلمية والعملية , وقد أشار إلى الأُولى بقوله " أعلمكم " وإلى الثّانية بقوله " أتقاكم".
و الله تعالى اعلم
للمزيد
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=8512
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=37&idto=38&bk_no=52&ID=15
http://www.startimes.com/?t=31573175
http://www.4salaf.com/vb/showthread.php?t=1459
http://www.yanabi.com/Hadith.aspx?HadithID=21
http://www.nabulsi.com/blue/ar/print.php?art=10713
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق